عنْ أَبِي هُرِيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم-: "من أتى هذا البيتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ- صلىالله عليه وسلم- ومن والاه، وبعد..
فإن المُتأمِّلَ في الشعائر التعبُّدية يجد أنها تُطهِّر المسلم؛ فالوضوء والصلوات الخمس والجمعة ورمضان، تكفِّر الذنوب إذا اجْتُنِبَت الكبائر، ثم يأتي الحج ليغسِلَه من كل ذنوبه، وكأنه وُلِدَ من جديد، ومن ثَمَّ يفرح الحاجّ: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾
وإذا كان الحاجُّ يفرح فإن الشيطان يحزن حين يرى رحماتِ الله المُنزَّلة على أهل عرفة؛ قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ما رُئِيَ الشيطانُ يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة؛ وما ذاك إلا لما يرى من تنزُّل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام"رواه مالك: الموطأ
الحج طريقٌ لميلادالأمة
إنَّ بعْثَ المسلمين من الرقاد، وتحرُّرَهم من كل سلطانٍ أجنبيٍّ، لا يتحقق إلا بإصلاح أنظمة الحكم الديكتاتورية الجاثمة على صدروهم، وهذا لا يتحقق إلا بالاعتزاز بعقيدتهم وشريعتهم وأخلاقهم، كأمةٍ فاضلةٍ مجيدةٍ، لها مزاياها وتاريخها، وذلك يتمثَّل في الحج الذي يذكِّرنا بأننا أمةٌ موصولةٌ بإبراهيم وإسماعيل والرسول الخاتم، عليهم الصلاة والسلام، قال الله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ ، وأمةٌ هذا شأنُها لهي أجدرُ الأمم بافتداء عزَّتها الربانية بالدنيا وما فيها.
ولا بد للأمة من الأمل الواسع الذي ينزع عنها اليأس والإحباط، ويدفع بها إلى العمل والجهاد والتضحية، والحجُّ يجعل من الأمة الميتة أمةً كلها حياةٌ وهِمةٌ وأملٌ وعزمٌ، وحسبُك من هاجر وابنها إسماعيل أن أقامت أمةً في صحراء لا زرعَ فيها ولا ماء.. ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾
والطاعة والطهارة تمنح المؤمن قوةً، وتزيد الشيطان ضعفًا، ومن ثم يتجه الحجيج من عرفات لرجمه مرةً ومرةً، فتتحقَّق عبوديتهم الكاملة لله، وبذلك يتخلصون من سلطان الأبالسة..﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾
وهذا ما يجب علينا في مواجهتنا لأعدائنا؛ بأن نجدد إيماننا، ونتطَّهر من ذنوبنا، ونُقبل على طاعة ربنا، ونتوكَّل على الله وحده، ونخشاه ولا نخشى أحدًا سواه.. ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾
الوحدة سر القوة في مواجهةالأعداء
يا مسلمي العالم.. تعالَوْا نتَّحِدْ في مواجهة الأعداءالمختلفين فيما بينهم ولم يتَّحِدوا إلا على حربِنا، ولنا في حركة الحجيج درسٌوعبرةٌ.. يتجهون في أمواجٍ متحدةٍ إلى عرفات، يستمطرون الرحمة، وينزلون منها في قوةالطهارة ووحدة الجمع إلى رجْم العدو الرجيم، وإن عدوَّنا ليُدْرِكُ خطر اتحادنا،فيمكر ليلَ نهارَ بما يفرقنا، وشعارهم: "فَرِّقْ تَسُدْ"، وقد حذَّرنا الله من ذلك،فقال: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَرِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
بالتضحية تنهض الأمة
والجهاد والتضحية أساس قيام أي أمةٍ، ولا حياةَ لأمةٍ بدون الجهاد، ولا جهادَ بدون تضحيةٍ، ولنا الأسوة في إبراهيم في قوله تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ أبٌ يضع السكين على رقبة ابنه، وابنٌ يسلم نفسه لربه ولأبيه والسكين، وأمٌّ وزوجةٌ تستسلم لأمر الله، ولسان حالهم يقول: "أسلمت لله رب العالمين".
وإن هذا ليذكِّرُنا بمسلمين ومسلماتٍ في فلسطين، يُحيون هذهالسُنَّة حين يُقدِّم الآباء والأمهات أبناءهم للشهادة.. لله دَرُّهم!! فما أعظمأجرهم وأجزل ثوابهم!!.
عدوُّنا لن يُخلِص النصحلنا
ولكي تحافظ الأمة على استقلالها يجب أن تعرف أعداءها، كما عرفت الشيطان فرجمته، وأن تستيقن أن عدوَّها لن يُخلِص النصح لها، ولن يأمرَها إلا بكل ما يبعدها عن الدين، مصدر قوتها، وسبيل حريتها واستقلالها، كما ينزغ الشيطان للمسلم بكل ما يُردِيه في النيران، ويحرمه من الجنان، وهذا ما يعملون له من عشرات السنين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾
يعطون سمعهم لأعدائهم، ويصمُّون الآذان عن نُصح الصادقين منبني جلدتهم، الذين يدعونهم لعزِّهم وحريتهم في الدنيا والفوز والنعيم في الآخرة،وماذا بعد دعوة الدول العربية إلى المصالحة والتطبيع مع العدو الصهيوني، وهو يقتلويحاصر ويسجن ويقيم المغتصبات والجدار العازل، وحكَّامنا يلوذون بالصمت؟! مما شجَّعالصهاينة على أن يلجُّوا في طغيانهم، بأن يقترحوا على الدول العربية المشارِكة في "أنابوليس" تعزيزَ الشراكة الأمنية العربية الصهيونية في مجال مكافحة الإرهاب!! وماأسمته بـ"الأعداء المشتركين"، مثل "الإخوان المسلمين"، وحركتَي "حماس والجهاد"،ومحاولة وضعهم في سلةٍ واحدةٍ مع تنظيم "القاعدة"!! وهل يريدون من وراء ذلك إلا أنيُشعِلوا نارَ الحروب بين المسلمين؟! وأَلاَ تعجب ممن جعلوا من إيران الشبحالمخيف، وإسرائيل الحمل الوديع؟! وغدا الكثيرُ يقول: "لا خوف من المفاعل النووي فيإسرائيل؛ لأنها لا تهدِّد جيرانها، بينما الخطر في إيران"!!
من أجل ذلك يفرضون علينا عقدَ صفقات أسلحةٍ بملياراتالدولارات لا مبرر لها، مع وجود قواعدهم على أرضنا، ولو أنهم رحلوا عن أرضنا لكانفي شراء هذه الأسلحة تحصينٌ لنا!. وأليس المسلمون أولى وأحقَّ بهذا الأمواللإزاحة الفقر والجهل والمرض؟! وقليلٌ من هذه الأموال يَهَبُ الحياة لإخوانناالمحاصَرين في فلسطين، ويضيّق عليهم الخناق، ويلفظون أرواحهم على مشهد ومرأى منحكام العرب والمسلمين والعالم أجمع.
وليتهم يعلمون أن استرضاء الأعداء لن يحقِّق لهم نصرًا، وعاقبتهم الخسران: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ* بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ﴾
صبرًا أيها الأحرار.. فساعة الخلاص اقتربت
وبكل إجلالٍ وتقديرٍ نشدُّ على أيدي إخواننا القابعين فيالسجون، ويتعرَّض نخبةٌ منهم لمحاكماتٍ عسكريةٍ ليست الأولى ولن تكون الأخيرة،وليست إلا مسرحياتٍ هزليةً لمواطنين أبرارٍ أطهارٍ كماء السحاب، وما ينقمون مناومنهم إلا قولنا ربنا الله، ولا ذنب لهم إلا أنهم يسعَون لخير البلاد والعباد،ويسعون لاجتثاث جذور الشر والفساد المتمثِّل في عصاباتٍ متخصِّصةٍ في بيع البلدونهب خيراتها ومنحِه هديةً للأجانب على طبقٍ من فضة.
لإخواننا هؤلاء نقول: صبرًا.. فأنتم الأمل الباسم في هذهالأمة، والخير المرتجَى، ورجال الإنقاذ الذين تتطلَّع إليهم العيون في العالم كله.. لإخواننا هؤلاء نقول: "قَدَرنُا أننا ابتُلينا بقلوب قاسية، قلوبٍ لو أن فيها بقيةًإنسانيةً، أو ذرَّةً من رحمةٍ، لرقَّت وترقرق دمعُها حين ترى أطفالكم المحرومينمنكم، وزوجاتكم اللائي يكابدْن الليل والنهار بعد اعتقال العائل، ومصادرة الأموال،وإغلاق المؤسسات والشركات التي لم تضرَّ بكم وحدَكم، وإنما كان يرتزق منها الآلافمن أبناء هذا الشعب الكادح"!!.
وأما إخواننا في فلسطين في سجون الاحتلال وفي سجن غزةالكبير، القابضين على الجمر، فنُرسل إليهم بتحية فخرٍ واعتزازٍ بعد أن قلَبواالطاولةَ على رءوس المفاوضين، وقذَفوا بالرعب في قلوب الأعداء بصبرهم وجهادهم،وتضحياتهم وشهدائهم
ولكل السجناء في أنحاء العالم: في العراق.. تونس.. أفغانستان.. باكستان و"جوانتانامو" وغيرها.. لكل هؤلاء نقول: "إن ساعة الخلاص اقتربت، وزوال دولة الظالمين قد آن، ونصر الله آتٍ"، ويقولون ﴿مَتَى نَصْرُ اللَّهِ؟! أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾
فرحتنا في التخلص من وصاية الأجانب وطغيانواستبداد الأقارب
ونحن إذ نهنِّئ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بعيدالأضحى المبارك، سائلين المولى أن يعيده الله عليهم وقد عاد الأمن والإيمان إلىربوع أوطانهم، وعمَّت السعادةُ كلَّ بيت.. نُعلن أن فرحتَنا لن تتم إلا حين نتحرَّرمن أعدائنا الذين جعلوا من أنفسهم أوصياءَ على المسلمين وحكامهم، وحين نتخلَّص منطغاة الحكام المتسلِّطين، الذين طغَوا في البلاد، وأكثَروا فيها الفساد، وأذلُّواالعباد، ووضعوا الأحرارَ في الأصفاد، ولن يكتملَ سرورُنا إلا بإطلاق سراحالأحرار.
ولن تكون فرحتُنا تامَّةً غامرةً إلا بميلاد الأمة المسلمة الجديرة بأستاذية العالم، وحينئذٍ ترفع الضيم والظلم، وتبسط العدل والمساواة، وتنشر الرحمة على الناس أجمعين دون تفرقةٍ بلونٍ أو جنسٍ أو عقيدةٍ.. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ* وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾
وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم والحمد لله رب لاعالمين
free4all z admin Admin
عدد الرسائل : 3461العمر : 31موقع الإنترنت : free4all.mam9.comالهواية : الكمبيوتر و التكنولوجيامدى النشاط بالمنتدى : مزاجي : العمل : السٌّمعَة : 2نقاط : 878تاريخ التسجيل : 11/12/2007 بطاقة الشخصية الحقل الأول: 50 الحقل الأول: 50
موضوع: رد: الحج ميلاد للمسلم .. فهل يكون ميلاد للأمة المسلمة ؟ الجمعة فبراير 01, 2008 7:09 pm
شكرا على هذه الهبة المميزة
®Dr.Devil® عضو نشيط
عدد الرسائل : 426العمر : 31موقع الإنترنت : Nothingالهواية : الكمبيوترالوسام 1 : مزاجي : العمل : السٌّمعَة : 0نقاط : 147تاريخ التسجيل : 06/05/2008 بطاقة الشخصية الحقل الأول: 50 الحقل الأول: 50
موضوع: رد: الحج ميلاد للمسلم .. فهل يكون ميلاد للأمة المسلمة ؟ الأربعاء مايو 07, 2008 8:53 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,,, فعلاً موضوع في غاية الروعة والجمال و مشكوررررررررررررررررررررررررررررررر
MEDO KILL VIP
عدد الرسائل : 864العمر : 29موقع الإنترنت : www.free4all.mam9.comالهواية : السباحةمدى النشاط بالمنتدى : الوسام 1 : مزاجي : العمل : السٌّمعَة : 0نقاط : 173تاريخ التسجيل : 11/01/2008 بطاقة الشخصية الحقل الأول: 50 الحقل الأول: 50
موضوع: رد: الحج ميلاد للمسلم .. فهل يكون ميلاد للأمة المسلمة ؟ الأربعاء مايو 07, 2008 9:51 pm
شكرا على الموضوع
free4all z admin Admin
عدد الرسائل : 3461العمر : 31موقع الإنترنت : free4all.mam9.comالهواية : الكمبيوتر و التكنولوجيامدى النشاط بالمنتدى : مزاجي : العمل : السٌّمعَة : 2نقاط : 878تاريخ التسجيل : 11/12/2007 بطاقة الشخصية الحقل الأول: 50 الحقل الأول: 50
موضوع: رد: الحج ميلاد للمسلم .. فهل يكون ميلاد للأمة المسلمة ؟ الأحد يونيو 22, 2008 11:53 am
شكرا لدعمك للمنتدى
الحج ميلاد للمسلم .. فهل يكون ميلاد للأمة المسلمة ؟