السلام على الشجرة النبوية
والدوحة الهاشمية المضيئة
المثمرة بالنبوة المونعة بالإمامة
هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد ابن عدنان .
ربيب بيت النبوة , ابن عم رسول الله (ص) وزوج ابنته الصديقة الطاهرة المحدّثة العليمة الحوراء البتول أم أبيها السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين , وأبو السبطين, الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .
وليد الكعبة
ولد الإمام علي يوم الجمعة لثلاث عشر مضين من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة داخل البيت الحرام, عندما فاجأ المخاض أمه السيدة فاطمة بنت أسد وهي تطوف ببيت الله الحرام – وكانت يومئذ على دين إبراهيم عليه السلام – ولم تجد مكان تأوي إليه فتوسلت إلى الله تعالى أن يسترها عن أعين الناس, فانشق جدار الكعبة من الجانب المسمى (بالمستجار) ودخلت السيدة فاطمة بنت أسد إلى جوف الكعبة وارتأب الصدع وعادت الفتحة والتزقت وولدت السيدة ابنها علياً داخل اشرف وأقدس مكان على الأرض , ومع أنه من المعلوم أن للكعبة باباً يمكن منه الدخول والخروج, ولكن الباب لم ينفتح، بل انشق الجدار ليكون أبلغ وأوضح في الدلالة على المشيئة الإلهية في أن تكون هذه الولادة لهذا المولود بهذه الكيفية وفي هذا المكان.
وهذا الأثر لا يزال موجوداً على جدار الكعبة حتى اليوم بالرغم من تجدد بناء الكعبة في خلال هذه القرون، وقد ملأوا أثر الانشقاق بالفضة والأثر يرى بكل وضوح على الجدار المسمى بالمستجار، والعدد الكثير من الحجاج يلتصقون بهذا الجدار ويتضرعون إلى الله تعالى في قضاء حوائجهم.
دخلت السيدة فاطمة بنت أسد ووضعت وليدها " الإمام علي " داخل بيت الله الحرام الذي هو مكان عبادة وليس مكان ولادة وكانت هذه أولى المناقب وإحدى العجائب بما فيها من معاني لا يعيها ويدرك مراميها إلا عالم رباني أو رجل امتحن الله قلبه للإيمان فجمع الإمام علي بين طهارة المولد وشرف المحل في البيت العتيق في الكعبة الشريفة وكانت هذه المنقبة الأولى للإمام علي
أسماؤه
كثيرة هي أسماؤه وألقابه عليه السلام، قال مجاهد: إنَّ أُمُّه سمَّته عليَّاً عند ولادته وقال عطاء : إنَّما سمَّته أُمُّه حيدرة ، بدليل قوله يوم خيبر : « أنا الذي سمَّتني أمِّي حيدرة وقال سبط ابن الجوزي : « وقول مجاهد أظهر؛ لأنَّه ثبت المستفيض بهِ ، ولايمنعها من تسميته عليَّاً أن تسمِّيه حيدرة ، لأنَّ حيدرة اسم من أسامي الأسد لغلظ عنقه وذراعه ، وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام ، فيكون عليٌّ اسمه الأصلي ، وحيدرة وصفاً له »[1] وهو اسم لم يكن معروفا بين العرب ولم يسم به أحد من قبل وصدق فيه قول الحق سبحانه وتعالى : " لم نجعل له من قبل سميّا " ولما بدأ الوحي يتنزل على رسول الله (ص) وعلمه ربه الأسماء كلها, كان من أسمائه سبحانه وتعالى : " العليّ " وهكذا , ثلاث مناقب مؤتنفات أختص بها الإمام عليه السلام وهو لم يزل . . . " في المهد صبيا ".
أمه
هي السيدة فاطمة بنت أسد, أول هاشمية تزوجها هاشمي , وأول هاشمية ولدت هاشمي خليفة , وكانت من أوليات النساء اللاتي بايعن رسول الله (ص) ولم تتوانى عن نصرته وتأييده تماما كما كان من السيدة خديجة عليها السلام في استرواح نفس المصطفى (ص) والتخفيف عنه ومواساته , لم تكن تخشى أحدا من رجالات قريش وبطشهم ومكرهم للمصطفى (ص) وكثيرا ما تصدت لهم وواجهتهم , إلى أن أمرها رسول الله (ص) بالهجرة إلى المدينة .
كانت خير أم لرسول الله ( ص) , ألبسها قميصه (ص) عند وفاتها وقال : ألبستها إياه لتلبس من ثياب الجنة , ونزل في قبرها وقرأ فيه القرآن قبل نزولها إليه , ليخفف عنها ضغطة القبر , وعندما عاد من دفنها قال: ( الآن ماتت أمي , جزاك الله من أم خيرا , فلقد كانت خير أم ) جاء في المستدرك: عن الزبير بن سعيد القرشي قال: كنا جلوساً عند سعيد بن المسيب فمر بنا علي بن الحسين ولم أر هاشمياً قط كان أعبد لله منه فقام إليه سعيد بن المسيب وقمنا معه فسلمنا عليه فرد علينا فقال له سعيد : يا أبا محمد أخبرنا عن فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال : نعم حدثني أبي قال : سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم كفنها رسول الله صلى الله عليه و سلم في قميصه و صلى عليها وكبر عليها سبعين تكبيرة ونزل في قبرها فجعل يومي في نواحي القبر كأنه يوسعه ويسوي عليها و خرج من قبرها و عيناه تذرفان وحثا في قبرها فلما ذهب قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله رأيتك فعلت على هذه المرأة شيئاً لم تفعله على أحد فقال : يا عمر إن هذه المرأة كانت أمي التي ولدتني , إن أبا طالب كان يصنع الصنيع و تكون له المأدبة و كان يجمعنا على طعامه فكانت هذه المرأة تفضل منه كله نصيباً فأعود فيه وإن جبريل عليه السلام أخبرني عن ربي عز وجل أنها من أهل الجنة و أخبرني جبريل عليه السلام أن الله تعالى أمر سبعين ألفاً من الملائكة يصلون عليها[2]
أبوه
(( أبوطالب )) عم النبي (ص) وكافله وحاميه من كفار مكة , فتولَّى العناية برسول الله والقيام بشؤونه من سنة ثمان من مولده الشريف ، وحتى العاشرة من النبوَّة ، وذلك اثنان وأربعون سنة ، وظل يدافع عن النبي ورسالته حتى آخر نفس من حياته ، وقد انعكست هذه الحقيقة وتجلَّى موقفه هذا في كثير من أشعاره ، منها قوله :
ليعلــم خيار الناس أنَّ محمداً * نبيٌّ كموسى والمسيح ابن مريم
ولما حضرت الوفاة أبو طالب في السنة العاشرة من المبعث عن بضع وثمانين عاما , جمع وجوه قريش فقال بين ما قال : وإني أوصيكم بمحمد فإنه الأمين في قريش والصديق للعرب , يا معشر قريش كونوا له ولاة , وسمّى رسول الله (ص) العام الذي توفى فيه أبو طالب عام الحزن وقال مازالت قريش كاعة حتى مات عمي أبو طالب , وقال ما نالت قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب, ومن العجيب أن يتذاكر أقوام هذه المواقف الشريفة من أبي طالب في نصرة رسول الله (ص) م يعرضوا عنها ويتهمون صاحبها بالكفر والشرك لروايات مكذوبة دسها الأمويون نكاية في علي بن ابي طالب وتقليلا من شانه وأهله في أعين المسلمين.
سُئل الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام عن إيمان أبي طالب ، فقال : « واعجباً ، إنَّ الله نهى رسوله أن يقرَّ مسلمة على نكاح كافر؛ وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام ، ولم تزل تحت أبي طالب حتى مات » وهذا من أوضح البراهين على إيمان أبي طالب رضي الله عنه
نسبه
هو علي بن ابي طالب ( واسمه عبد مناف ) بن عبد المطلب ( واسمه شيبة الحمد ) بن هاشم ( واسمه عمرو ) بن عبد مناف ( واسمه المغيرة ) ابن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد ابن عدنان , وكان جده عبدالمطَّلب يومئذٍ سيِّد قريش غير مدافَع ، قد أعطاه الله من الشرف ما لم يعطِ أحداً ، وسقاه زمزم وذا الهُدُم ، وحكَّمته قريش في أموالها ، وأطعم في الُمحل حتى أطعم الطير والوحوش في الجبال. وكان على ملَّة إبراهيم الخليل؛ فرفض عبادة الأصنام ووحَّد الله عزَّوجلَّ ، وسنَّ سنناً نزل القرآن بأكثرها ، وجاءت السُنَّة من رسول الله بها وهي : الوفاء بالنذور ، ومائة من الإبل في الديّة ، والا تنكح ذات محرم ، ولاتؤتى البيوت من ظهورها ، وقطع يد السارق ، والنهي عن قتل الموؤدة ، والمباهلة ، وتحريم الخمر ، وتحريم الزنا ، والحدُّ عليه ، والقرعة ، والا يطوف أحدٌ بالبيت عرياناً ، وإضافة الضيف ، والا ينفقوا إذا حجَّوا الا من طيِّب أموالهم ، وتعظيم الأشهر الحُرم ، ونفي ذوات الرايات , وهكذا كان مجاهراً بدينه ، داعياً إلى الخلق الكريم والمبادئ السامية التي جاءت بها الاديان ، وكان له في هذه الخصال دور لا يشاركه فيه أحد ، حتى أنَّ قريشاً كانت تسميه إبراهيم الثاني.
زوجاته
1- فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) ولم يتزوج عليها إلا بعد أن توفيت
2- أمامة بنت أبي العاص بن الربيع , وقد أوصت بها السيدة فاطمة الزهراء أن يتزوجها الإمام علي بعد وفاتها
3- خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة
4- أم البنين بنت حزام بن خالد
5- ليلى بنت مسعود بن خالد
6- أسماء بنت عميس
7- الصهباء وهي أم حبيب بنت ربيعة
8- أم سعيد بنت عروة بن مسعود
9- محياة بنت امرئ القيس
10- أم ولد
أولاده
عدد أولاد الإمام خمسة وعشرون , وفي رواية أنهم سبعة وعشرون , وهم :
الحسن والحسين وزينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى من السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص)
محمد الأكبر ابن الحنفية وأمه ( خولة )
عبد الله وأبو بكر وأمهم ( ليلى )
العباس الأكبر وعثمان وجعفر الأكبر وعبد الله وأمهم (أم البنين )
محمد الأصغر وأمه ( أم ولد )
يحيى وعون وأمهما ( أسماء بنت عميس )
عمر الأكبر ورقية وأمهما ( الصهباء )
محمد الأوسط وأمه ( أمامة )
أم الحسن ورملة الكبرى وأمهما ( أم سعيد )
أم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الصغرى وأم كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم سلمة وأم جعفر وجمانة ونفيسة وأمهم ( محياة )
نشأته
اشتد القحط بمكة ذات عام وأصاب الناس ببلاء شديد فأشار رسول الله (ص) على عميه العباس وحمزة أن ينطلقوا إلى عمه أبو طالب وكان كثير العيال فياخذ كل واحد منهم أحد أولاده يكفله, فاستبقى أبو طالب ابنه عقيل , وأخذ العباس جعفر وقذفت الأقدار بعلي إلى أحضان خير خلق الله (ص) ليتولى تربيته وتنشئته , تماما كما قذف اليم بكليم الله موسى على نبيتا وعليه السلام إلى كنف السيدة آسيا عليها السلام لتقوم على تربيته وتنشئته, وكانت آنذاك من الموحدين بالله
فنشأ الإمام عليٌّ عليه السلام يرعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويستلهم من معلِّمه جواهر مكارم الأخلاق ودقائق الحكمة والمعرفة ، حتَّى أدرك من الحقائق ما لم يدركه غيره ، واخذ الفتى من معلِّمه العظيم حقائق الكون ونواميس الطبيعة ، بل وأسرار الوجود ، وأصبح المثل الأعلى في جميع شمائله وأفعاله ، وتحلَّى بأعلى ذروة من ذرى الكمال الروحي والأخلاقي. وحق عليه قول الله تعالى " كذلك ولتصنع على عيني " لأن هذا المولود سيكون له شأن عظيم وستقع على عاتقه أعباء جسام لا يقوم بها إلا من رضع من ثدي الإسلام وفطم على بذور الإيمان ونشأ في بستان العلم والحكمة وأُطعم من ثمار التوحيد ومكارم الأخلاق
يقول الإمام علي:
" وقد علمتم موضعي من رسول اله (ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره , ويكنفني إلى فراشه ويمسّني جسده ويشمّني عرفه , وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه , وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل , ولقد قرن الله به (ص) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره .. ولقد كنت اتّبعه إتباع الفصيل أثر أمه , يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالإقتداء به , ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري , ولم يجمع يومئذ بيت واحد في الإسلام غير رسول الله (ص) وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة , ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (ص) فقلت يا رسول الله ما هذه الرنة ؟ قال : هذا الشيطان أيس من عبادته, إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا أنك لست بنبي ولكنك وزير وإنك على خير